بسم الله الرحمن الرحيم
التجويد:
لغة: التحسين.
اصطلاحاً: هو إخراج كل حرف من مخرجه وإعطائه حقه ومستحقه.
أحكام النون الساكنة والتنوين
النون الساكنة: هي النون الخالية من الحركات، وتكون علامتها السكون.
ففي الأسماء: (منْهمر)، وفي الأفعال: (أنْعمت)، وفي الحروف: (مِنْ).
التنوين: هو نُون ساكنة زائدة تلحق الاسم لفظاً ووصلاً وتفارقه خطاً ووقفاً، وعلامته فتحتان ( ً) أو كسرتان ( ٍ) أو ضمتان ( ٌ)، وهو مختص بالأسماء.
والمراد بهذا الباب بيان حكم النون الساكنة والتنوين أثناء قراءة القرآن، وهي أربعة أحكام: (١- الإظهار، ٢- الإدغام، ٣- الإقلاب، ٤- الإخفاء).
1- الحكم الأول: الإظهار:
• تعريفه:
لغةً: البيان.
اصطلاحاً: هو إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة.
أي: أن النون الساكنة أو التنوين إذا جاء بعدها حرف من حروف الإظهار فإن النون الساكنة أو التنوين تخرج واضحةً بغير غنة، ولا يُسكت على النون، ولا تقطع عن حروف الإظهار.
• وحروف الإظهار هي: (الهمزة، والهاء، ثم العين، والحاء، ثم الغين، والخاء).
قال صاحب "التحفة":
همزٌ فهاءٌ ثم عينٌ حاءُ ... مهملتانِ ثم غينٌ خاءُ
وجمعها بعضهم في قوله:
أخي هاك علماً حازه غير خاسر
فأول حرف في كل كلمة هو حرف من حروف الإظهار.
وجميعها حروف حلقية، ولهذا يسمى هذا النوع من الإظهار بالإظهار الحلقي:
١- فالهزة والهاء تخرجان من أدنى الحلق.
٢- العين والحاء تخرجان من وسط الحلق.
٣- الغين والخاء تخرجان من أقصى الحلق.
• والنون الساكنة يأتي بعدها حرف الإظهار تارة من كلمة وتارة من كلمتين بخلاف التنوين فلا يأتي إلا من كلمتين.
أمثلة:
أمثلة:
الهزة: (ينْئون)، و(منْ ءامن)، و(كلٌ ءامن).
الهاء: (مِنْهُم)، و(مِنْ هاد)، و(جرفٍ هار).
العين: (أنْعمت)، و(منْ عمل)، و(حقيقٌ علي).
الحاء: (ينْحتون)، و(منْ حكيم)، و(عَلِيمٌ حكيم).
الغين: (فسينْغضون)، و(منْ غِل)، و(عفواً غفوراً).
الخاء: (والمنْخنقة)، و(منْ خزي)، و(يومئذٍ خاشعة).
• وعلة الإظهار: هو بُعد مخرج النون الساكنة والتنوين عن مخرج حروف الإظهار فالنون الساكنة والتنوين مخرجها من طرف اللسان أما حروف الإظهار فمخرجهم من الحلق.
2- الحكم الثاني: الإدغام:
• تعريفه:
لغةً: هو الإدخال، يقال: أدغمت اللجام في فم الفرس إذا أدخلته فيه.
اصطلاحاً: هو إدخال حرف ساكن في حرف متحرك، بحيث يصيران حرفاً واحداً مشدداً من جنس الثاني.
• وحروف الإدغام هي: (الراء، واللام، والميم، والنون، والواو، والياء).
جمعها صاحب التحفة في كلمة: يرمُلون.
قال الجمزوري في "تحفته":
والثاني إدغامٌ بستةٍ أتت ... في يرمُلون عندهم قد ثبتت
• والإدغام على قسمين:
١- إدغام ناقص: (تدغم فيه النون الساكنة مع الحرف الذي بعدها وتبقى صفتها وهي الغنة ولهذا سمي ناقصاً).
• وحروفه: (الميم، والنون، والواو، والياء)، جمعها الشيخ عبدالله أبابطين في كلمة: (يومن)، وجمعها الجمزوري في: (ينمو)، قال في "التحفة":
لكنها قسمان قسمٌ يدغما ... فيه بغنة بـ(ينمو) علما
أمثلة:
الميم: (من مَّال الله)، و(حبلٌ مِّن مسد).
النون: (من نِّعمة)، و(يومئذٍ نَّاعمة).
الواو: (من وَلي)، و(لساناً وَشفتين).
الياء: (ومن يَعمل)، و(وبرقٌ يَجعلون).
هذا إذا كان التركيب من كلمتين، أما إذا كان في كلمة واحدة فلا تدغم، ويسمى إظهار مطلق.
مثاله: (دُنْيَا، وصنْوان، وقنْوان، وبنْيان).
قال الجمزوري في "التحفة":
إلاَّ إذا كان بكلمة فلا ... تدغم كدنْيا ثم صنْوان تلا
• وعلة عدم الإدغام إذا كان في كلمة واحدة: هو (مشابهته بالضعف، ولاتصاله بحروف الإدغام) كما قاله الشيخ عبدالله أبا بطين رحمه الله، والمراد بقوله: (مشابهته بالضعف) أي: أن السامع يلتبس عليه فلا يفرق بين ما أصله النُّون وما أصله التضعيف.
تنبيه: الغنة صوت لذيذ مركب في جسم النون والتنوين والميم إذا سكنت ولم تظهر ولا عمل للسان فيها، ومخرجها من الخيشوم وهو خرق الأنف وتمد بقدر الحركتين.
2- إدغام كامل: (تدغم فيه النون الساكنة مع الحرف الذي بعدها فتذهب النون الساكنة وصفتها وهي الغنة ، ولهذا سمي كاملاً).
ووجه حذف الغنة: هو المبالغة في التخفيف، فمع بقائها ثقل على اللسان.
وحروفه: (اللاَّم، والرَّاء)، قال صاحب "التحفة":
والثاني إدغامٌ بغير غنَّهْ ... في اللَّام والرَّا ثمَّ كرِّرَنَّهْ
وفي بعض النسخ:
والثاني إدغامٌ بغير غنَّهْ ... ورمــــزه ((رَلٌّ)) فأتقــــــننَّهْ
أمثلة:
الرَّاء: (من رَّبهم)، و(غفورٌ رَّحيم).
اللاَّم: (ومن لَّستم)، و(خيراً لَّكم).
• وعلة الإدغام: هو:
أ- التماثل في النون: والمراد بالتماثل هو اتحاد الحرفين في المخرج والصفات.
ب- التجانس في الياء والواو والميم: والمراد بالتجانس هو اتفاق الحرفين في المخرج واختلافهما في بعض الصفات.
ت- التقارب في اللام والراء: والمراد بالتقارب هو تقارب الحرفين في المخرج والصفة أو أحدهما دون الآخر.
3- الحكم الثالث: الإقلاب:
• تعريفه:
لغةً: تحويل الشيء عن وجهه.
اصطلاحاً: قلب النون الساكنة أو التنوين ميماً مخفاة بغنة.
• وحروف الإقلاب وهو: الباء فقط.
ويكون مع النون في كلمة واحدة أو كلمتين، أما مع التنوين فلا يكون إلا في كلمتين.
أمثلة:
الباء: (أنبِئهم)، و(أن بُورك)، و(سميعٌ بصير).
• وعلة الإقلاب: هو صعوبة الإتيان بالغنة في النون والميم الساكنتين مع الإظهار، ثم إطباق الشفتين لأجل الباء، وصعوبة الإدغام كذلك لاختلاف المخرج وقلة التناسب، فتعين الاخفاء وتوصل إليه بالقلب ميماً.
وخصة الميم بالقلب دون غيرها من الحروف لمشاركتها الباء مخرجاً, والنون صفة.
4- الحكم الرابع: الإخفاء:
• تعريفه:
لغةً: الستر.
اصطلاحاً: النطق بالنون الساكنة والتنوين بصفة بين الإظهار والإدغام بدون تشديد مع بقاء الغنة.
• وحروف الإخفاء هي: (التاء، الثاء، الجيم، الدال، الذاء، الزاء، السين، الشين، الصاد، الضاد، الطاء، الظاء، الفاء، القاف، الكاف).
وقد جمعها صاحب "التحفة" في أوائل كلمات هذا البيت:
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما ... دم طيباً زد في تقى ضع ظالماَ
أمثلة:
الصاد: (منصُوراً)، و(أن صَدوكم)، و(عملاً صَالحاً).
الذاء: (منذِر)، و(من ذَكر)، و(سراعاً ذَلك).
الثاء: (منثُوراً)، و(من ثَمرة)، و(نمتعهم قليلاً ثُم).
الكاف: (منكُم)، و(من كَان)، و(ناصيةٍ كَاذبة).
الجيم: (أنجَيناكم)، و(إن جَاءكم)، و(صبراً جَميلاً).
الشين: (المنشِئون)، و(لمن شَاء)، و(غفورٌ شَكور).
القاف: (ينقَلب)، و(وإن قِيل)، و(عليماً قَديراً).
السين: (منسَأته)، و(من سُلالة)، و(سلاماً سَلاماً).
الدال: (أندَاداً)، و(من دَآبة)، و(عملاً دُون ذلك).
الطاء: (ينطِقون)، و(من طَيبات)، و(صعيداً طَيباً).
الزاء: (أنزَلناه)، و(فإن زَللتم)، و(نفساً زَكية).
الفاء: (انفِروا)، و(من فَضله)، و(سبلاً فجاجاً).
التاء: (منتَهون)، و(من تَحتها)، و(جناتٍ تَجري).
الضاد: (منضُود)، و(قل إن ضَللت)، و(مسفرةٌ ضَاحكة).
الظاء: (انظُروا)، و(من ظَهير)، و(ظلاً ظَليلاً).
• وعلة الإخفاء: هو انعدام قُرب المخارج الموجب للإدغام وبُعد المخارج الموجب للإظهار، فكان الإخفاء وسطاً بين الإظهار والإدغام.
• والفرق بين الإخفاء والإدغام أن الإخفاء لا تشديد معه مطلقاً بخلاف الإدغام، والإخفاء يكون عند غيره لا في غيره بخلاف الإدغام فيكون في غيره لا عند غيره، فتقول: أخفيت النون عند السين لا في السين، وأدغمت النون في اللام لا عند اللام.
• ويسمى هذا الإخفاء إخفاءً حقيقياً لانعدام ذات الحرف المُخْفَى – النون الساكنة والتنوين – وإبقاء صفته التي هي الغنة.
وكتبه: أبوعبدالرحمن صبري المحمودي
١٠ . ٩ . ١٤٣٦ هجري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق