قال البخاري في "صحيحه" (574):
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا يحيى عن أبي سلمة قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان).
قال يحيى: الشغل من النبي أو بالنبي ﷺ.
-------------
• وفيه من الفوائد:
1 – تخريجه: أخرجه البخاري في "صحيحه"، كتاب الصيام، باب: متى يقضى قضاء رمضان (574), حديث رقم: (1950), ومسلم في "صحيحه"، كتاب الصيام، باب: قضاء رمضان في شعبان (463)، حديث رقم: (2687).
2 - أحمد بن يونس: نسبه لجده، ويكثر هذا عند البخاري - رحمه الله -، وإلا هو أحمد بن عبدالله بن يونس بن عبدالله بن قيس التميمي اليربوعي الكوفي.
قال عنه الإمام أحمد بن حَنْبَل رحمه الله لرجل: اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام.
وقال عنه أبو حاتم: كان ثقة متقناً.
وقال عنه أيضاً: كان من صالحي أهل الكوفة وسنييها.
قال أحمد بن يونس: إذا رجعت من عند سفيان الثوري أخذت نفسي بخير ما علمت، وإذا أتيت مالك بن مغول تحفظت من لساني، وإذا أتيت شريكاً رجعت بعقل تام، وإذا أتيت مندل بن علي أهمتني نفسي من حسن صلاته.
قال الحافظ في "التقريب": ثقة حافظ، روى له الجماعة.
ترجمته في: "تقريب التهذيب" (51)، و"سير أعلام النبلاء" (10/458).
3 - حدثنا زهير: هو زهير بن معاوية بن حُديج أبو خيثمة الجعفي الكوفي كما صرح به القسطلاني في "شرحه" (4/514).
قال الحافظ عنه في "التقريب": ثقة ثبت، روى له الجماعة.
ترجمته في: "تقريب التهذيب" (206)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/514).
4 - حدثنا يحيى:
هنا فائدة جليلة وهي: يحيى هنا جاء مبهماً فأشكل على بعض الشراح فظنه *يحيى بن أبي كثير لأنه يروي عن أبي سلمة، وقد رد هذا الوهم الحافظ ابن حجر في "الفتح" والقسطلاني في "الإرشاد" وأن يحيى هنا هو يحيى بن سعيد كما صرح به مسلم في "صحيحه" ولكن من يحيى بن سعيد؟ هل هو القطان أو الأنصاري؟
فلما نظرنا وجدنا يحيى بن سعيد القطان من تلاميذ زهير بن معاوية وليس من شيوخه كما صرح به المزي في "تهذيب الكمال" (9/423).
وأما شيوخه فمنهم يحيى بن سعيد الأنصاري كما نص عليه المزي في "الكمال" (9/422).*
إذاً هو يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني.
قال عنه الحافظ في "التقريب": ثقة ثبت، روى له الجماعة.
ترجمته في "التقريب" (661)، و"تهذيب الكمال" (31/346).
فائدة: ساق مسلم بسنده قال يحيى بن أبي كثير: (لا يستطاع العلم براحة الجسد)."صحيح مسلم" برقم: (175).
وسببه ما فعله مسلم - رحمه الله - مع أحاديث المواقيت من حسن جمعها وترتيبها وسياقها في مكان واحد فلما انتهى ساق مقوله يحيى بن أبي كثير وصدق - رحمه الله - العلم لا ينال براحة الجسد.
5 - عن أبي سلمة: اختلف في اسمه فقيل: عبدالله، وقيل: إسماعيل، ابن الصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف الزهري، مشهور بكنيته.
قال الحافظ عنه في "التقريب": ثقة مكثر، روى له الجماعة.
ترجمته في: "التقريب" (707)، و"الإرشاد" (4/514).
6 - سمعت عائشة رضي الله عنها: عائشة بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين وحب رسول الله ﷺ وزوجه، تكنى بأم عبدالله، تزوجها النبي ﷺ وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين، روت عن النبي ﷺ وعن غيره من أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وروى عنها خلق كثير.
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: ما أشكل علينا أصحاب محمد ﷺ حديث قط فسألنا عائشة عنه إلا وجدنا عندها منه علماً.
وقال عروة بن الزبير: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطلب ولا بشعر من عائشة.
وقال أيضاً: ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعراً.
توفيت ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان سنة ثمان وخمسين وأمرت أن تدفن ليلاً بالبقيع، فدفنت بعد الوتر وصلى عليها أبو هُريرة، وتوفي النبي ﷺ وهي بنت ثماني عشرة سنة.
روى لها الجماعة.
ترجمتها في: "تهذيب الكمال" (35/227).
7 - قولها: (يكون علي الصوم من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان):
فيه: أنها رضي الله عنها لا تقضي فرضها من رمضان إلا في شعبان واستدل بهذا بعض أهل العلم إلى أنها لم تكن تصوم النفل والتطوع رضي الله عنها وذلك أن سبب تأخيرها للقضاء حتى يضيق عليها شعبان هو ما أوضحه يحيى بن سعيد بقوله: (الشغل من النبي أو بالنبي ﷺ)، أي: أنها كانت مهيئة نفسها له ﷺ مترصدة لاستمتاعه في جميع أوقاتها إن أراد ذلك وأما في شعبان فإنه ﷺ كان يصومه فتتفرغ عائشة رضي الله عنها لقضاء صومها.
وفيه: أن القضاء موسع ويصير في شعبان مضيقاً.
وفيه: أن حق الزوج من العشرة والخدمة مقدم على سائر الحقوق ما لم يكن فرضاً ضيقاً.
انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (4/514)، و"فتح الباري" (4/191).
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كتبه: أبو عبدالرحمن صبري بن مصطفى المحمودي
ليلة الخميس 14 . 8 . 1438 هجري
برياض نجد حماها الله من كل سوء