هل رجع أبو الحسن الأشعري لمعتقد أهل السنة والجماعة؟
تنازع العلماء في رجوع أبي الحسن لمعتقد أهل السنة على قولين:
1- أنه رجع ومرّ بأطوار ثلاثة (الاعتزال ثم الكلابية ثم إلى معتقد أهل السنة) وإليه ذهب ابن كثير فيما نقله عنه الزبيدي ويدل عليه ظاهر عبارات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين رحمه الله.
2- أن أبا الحسن لم يرجع وهذا قول جماعة من أهل السنة كالبربهاري والسجزي وهو ظاهر كلام أبي عثمان الصابوني ويدل عليه بعض كلام ابن تيمية رحمه الله.
والأظهر - والله أعلم - أنه لم يرجع لمعتقد أهل السنة وذلك لأمور منها:
أن من رأى أنَّ أبا الحسن الأشعري رجع اعتمد على تأليف أبي الحسن لكتابه "الإبانة" فإنه صرّح فيه بأنه على مذهب الإمام أحمد ولكن بالنظر لهذا المؤلف نجد أن أبا الحسن لم ينقض مذهب الأشاعرة كما نقض مذهب الاعتزال لما رجع عنه بل أجمل في مواطن كثيرة فلما ذكر اعتقاده في كلام الله سبحانه لم يتبرأ من الكلام النفسي ولم ينقضه بل أثبت الكلام لله سبحانه وهذا يثبته حتى الأشاعرة المتأخرون لكنه رحمه الله أجمل ولم يفصِّل.
كذلك موقف أبي الحسن الأشعري من الصفات الفعلية فإن أبا الحسن لم ينقض هذا المذهب في كتابه "الإبانة" بل أجمل وقد صرّح البيهقي كما في "الأسماء الصفات" أن أبا الحسن عند كلامه على الاستواء قال: إن الله خلق خلقاً يستوي على عرشه!
كذلك لم ينقض أبو الحسن الأشعري دليل المتكلمين الذي بنوا عليه مذهبهم الباطل وهو "دليل الأعراض وحدوث الأجسام" الذي قرره وكرره في "رسالته إلى أهل الثغر".
ولهذا لم يقبل البربهاري توبة أبي الحسن الأشعري ولا كتابه "الإبانة".
وقال ابن تيمية: (إن أبا الحسن إذا أجمل أصاب وإذا فَصَّل أخطأ).
ولعله أراد الرجوع ولكنه لم يستطع الرجوع لعدم علمه بعقيدة أهل السنة.
لهذا قال ابن تيمية: لما تكلم على كتاب "مقالات الإسلاميين" لأبي الحسن الأشعري: (قد جهل ما عليه أهل الحديث) لذا ما يعزوه إلى أهل الحديث قد يكون خطأ لأنه لا يعرف مذهب أهل الحديث.
ولا يكفي الإجمال في الرجوع بل لابد من البيان والإصلاح كما قال تعالى: (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا).
والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات ..
كتبه: صبري المحمودي
11 . 5 . 1437 هجري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق