الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

الإخلاص في طلب العلم وإرادة وجه الله به

 
أخرج أحمد في مسنده من حديث أبي هُريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرض الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة).
فمن طلب العلم لأجل المال فقط طلبه بالأسباب المحرمة، وسبب هذا والله أعلم أن في الدنيا جنة معجلة، وهي معرفة الله تعالى ومحبته والأنس به والشوق إلى لقائه وخشيته وطاعته، والعلم النافع يدل على ذلك، فمن دله علمه على دخول هذه الجنة المعجلة في الدنيا دخل الجنة في الآخرة، ومن لم يشم رائحتها لم يشم رائحة الجنة في الآخرة.
قال ابن القيم رحمه الله:
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة).
"الوابل الصيب" (67).
وقال إبراهيم بن أدهم: (لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فِيهِ من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف أيام الحياة عَلَى ما نحن فِيهِ من لذيذ العيش وقلة التعب).

وأخرج الترمذي في سننه من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يجاري به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار).
فمن طلب بالعمل والعلم والزهد الرياسة على الخلق والتعاظم عليهم، وأراد بذلك أن ينقاد الخلق إليه ويخضعون له ويصرفون وجوههم إليه، وأن يظهر للناس زيادة علمه على العلماء ليعلو به عليهم ونحو ذلك، فهذا موعود بالنار؛ لأن قصد التكبر على الخلق محرم في نفسه، فإذا استعمل فيه آلة الآخرة كان أقبح وأفحش من أن يستعمل فيه آلات الدنيا من المال والسلطان.
قال الحسن رحمه الله: لا يكون حظ أحدكم من العلم أن يقال عالم.
ولهذا كره السلف الصالح الجرأة على الفتيا والحرص عليها والإكثار منها.
وكانوا يقولون: أجرؤكم على الفتيا أقلكم علماً.
قال البراء: أدركت مائة وعشرين من الأنصار من أصحاب رسول الله ﷺ يسأل أحدهم عن المسألة ما منهم من أحد إلا ود أن أخاه كفاه.
وليعلم من يتسارع للفتوى أنه يوقع عن الله أمره ونهيه، وأنه موقوف ومسؤول عن ذلك.

انتقاه: صبري المحمودي
18 . 2 . 1437 هجري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق