الخميس، 10 ديسمبر 2015

هل تعرف ما يهدم الدين؟! (كتابة)


عن زياد بن حُدير قال: قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟!
قلت: لا، قال: يهدمه زلة العالم، وجدال منافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين.
—---------------
•  تخريجه:
أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (520)، والدارمي في "سننه" (1/295)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" برقم (641 - 643)، وابن عبدالبر في "جامع بيان العلم" (2/110)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (1/234)، والفريابي في "صفة النفاق" (71)، والآجري في "تحريم النرد والشطرنج" برقم (48)، والبيهقي في "المدخل" برقم (833)، وابن أبي شامة في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (68)، من طرق عدة عن الشعبي عن زياد بن حُدير عن عمر رضي الله عنه، وإسناده صحيح.
•  فيه فوائد منها:
1- قوله: (يهدمه زلة العالم):
أ- المراد بزلة العالم السني السلفي وليس المبتدع؛ فإن الزلة لا يخرج بها الرجل من السنة.
ب- الرجل وإن كان جليلاً فهو محكوم بالكتاب والسنة.
ج- الزلة لا يتابع عليها العالم، فقد جاء عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: (وأحذِّركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضَّلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق).
قَالَ يزيد: قلت لمعاذ: ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟!
قال: (بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه، ولا يثنينَّك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتلقَّ الحقَّ إذا سمعته فإنَّ على الحقِّ نُوراً)، وعليه:
* لا يتابع العالم في زلته.
* تحفظ مكانة العالم السلفي السني.
قال ابن القيم - رحمه الله – في: (ومن له علمٌ بالشَّرعِ والواقِع يعلم قطعاً أنَّ الرَّجُل الجليل الذي له في الإِسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلَّة هو فيها معذور بل ومأجور لاجتهاده؛ فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين).
د- كون الزلة تهدم الدين هذا يدل على خطورتها لذا نقل ابن عبدالبر عن بعضهم: (زلة العالِم زلة العالَم).
وقد دخل كثير من البدع على المسلمين بزلة العلماء.
2- قوله: (جدال المنافق):
المنافق هو ما اختلف فيه السر والعلن كما قاله الحسن البصري.
فإن كان اختلافاً في الاعتقاد فهو نفاق أكبر وإن كان اختلافاً في العمل فهو نفاق أصغر.
قال ابن تيمية - رحمه الله -: (فمن النفاق ما هو أكبر يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار، كنفاق عبدالله بن أُبي وغيره بأن يظهر تكذيب الرسول...، فهذا ضرب النفاق الأصغر: فهو النفاق في الأعمال ونحوها).
وقال أيضاً: (والنفاق كالكفر نفاق دون نفاق، ولهذا كثيراً ما يقال: كفر ينقل عن الملة، وكفر لا ينقل، ونفاق أكبر، ونفاق أصغر، كما يقال: الشرك شركان أصغر، وأكبر).
وقال ابن القيم - رحمه الله - في بيان أقسام النفاق: (وهو نوعان: أكبر، وأصغر؛ فالأكبر: يوجب الخلود في النار في دركها الأسفل، وهو أن يظهر للمسلمين إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهو في الباطن منسلخ من ذلك كله مكذّب به).
وكذلك ابن رجب - رحمه الله – في مواضع متفوقة.
فَلَو واعدت أحداً بالحضور ثم لم تحضر وأنت قد أضمرت في نفسك عدم الحضور كان نفاقاً وأما خلافه فلا.
3- قوله: (وحكم الأئمة المضلون):
المضلون يدخل فيه الحكام والعلماء وفساد الدين والدنيا بعلماء السوء وحكام الجور كما قاله ابن المبارك.

تم بحمد الله ليلة الجمعة 28 / 2 / 1437 هــ
  بنجد – الرياض – أعزها الله بالتوحيد والسنة
كتبه: أبو عبدالرحمن صبري المحمودي
s.m.a.m3000@gmail.com

هل تعرف ما يهدم الدين؟!




الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

الإخلاص في طلب العلم وإرادة وجه الله به

 
أخرج أحمد في مسنده من حديث أبي هُريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرض الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة).
فمن طلب العلم لأجل المال فقط طلبه بالأسباب المحرمة، وسبب هذا والله أعلم أن في الدنيا جنة معجلة، وهي معرفة الله تعالى ومحبته والأنس به والشوق إلى لقائه وخشيته وطاعته، والعلم النافع يدل على ذلك، فمن دله علمه على دخول هذه الجنة المعجلة في الدنيا دخل الجنة في الآخرة، ومن لم يشم رائحتها لم يشم رائحة الجنة في الآخرة.
قال ابن القيم رحمه الله:
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة).
"الوابل الصيب" (67).
وقال إبراهيم بن أدهم: (لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فِيهِ من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف أيام الحياة عَلَى ما نحن فِيهِ من لذيذ العيش وقلة التعب).

وأخرج الترمذي في سننه من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يجاري به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار).
فمن طلب بالعمل والعلم والزهد الرياسة على الخلق والتعاظم عليهم، وأراد بذلك أن ينقاد الخلق إليه ويخضعون له ويصرفون وجوههم إليه، وأن يظهر للناس زيادة علمه على العلماء ليعلو به عليهم ونحو ذلك، فهذا موعود بالنار؛ لأن قصد التكبر على الخلق محرم في نفسه، فإذا استعمل فيه آلة الآخرة كان أقبح وأفحش من أن يستعمل فيه آلات الدنيا من المال والسلطان.
قال الحسن رحمه الله: لا يكون حظ أحدكم من العلم أن يقال عالم.
ولهذا كره السلف الصالح الجرأة على الفتيا والحرص عليها والإكثار منها.
وكانوا يقولون: أجرؤكم على الفتيا أقلكم علماً.
قال البراء: أدركت مائة وعشرين من الأنصار من أصحاب رسول الله ﷺ يسأل أحدهم عن المسألة ما منهم من أحد إلا ود أن أخاه كفاه.
وليعلم من يتسارع للفتوى أنه يوقع عن الله أمره ونهيه، وأنه موقوف ومسؤول عن ذلك.

انتقاه: صبري المحمودي
18 . 2 . 1437 هجري